ما سر تجدد العلاقة بين الأردن وحماس؟


تتباين قراءات المراقبين والمحللين السياسيين لتجدد العلاقة بين الأردن وحركة حماس واستقبال الملك لزعيمها خالد مشعل، تلك العلاقة التي وصلت عام 1999 حدود القطيعة من خلال إغلاق مكاتب الحركة في عمّان وإبعاد قادتها إلى قطر.


رغم أن تجدد العلاقة "الأردنية الحمساوية" لا يعني بالضرورة إعادة فتح مكاتب الحركة في العاصمة الأردنية، إلا أن بعض المراقبين يرون أن هذه العلاقة قد تمنح النظام الأردني فرصة "لاستخدام الحركة في ترتيب أوراقه الداخلية في ظل المتغيرات الجارية في المنطقة" .

ويرى الخبير في شؤون الحركات والجماعات الإسلامية حسن أبو هنية في حوار مع DW عربية، أن تداعيات الربيع العربي "قلبت جملة من التصورات" لدى صناع القرار دوليا وإقليميا ومحليا. ويشير أبو هنية إلى أن زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مع وفد رفيع إلى الأردن جاءت في هذا السياق، موضحا أن التغيرات "البنيوية العميقة" عملت على تنامي الإدراك والوعي بضرورة إعادة قراءة "الأوضاع الجيوسياسية" وطبيعة العلاقة مع حركة حماس وخصوصا بعد خروج الحركة من دمشق مع دخول سوريا "ربيعها الدامي" .

مستقبل العلاقة بين الأردن وحماس معقد      

ويضيف أبو هنية بأن النظام الأردني لا يمكن أن يتجاوز حماس باعتبارها أحد فروع الإخوان المسلمين الذين أصبحوا جزءاً أساسياً من "النظام العربي الجديد". ويعرب الباحث الأردني المتخصص في الحركات الإسلامية عن اعتقاده أن جماعة الإخوان المسلمين مرشحة "لحصد نوع من الأغلبية"، في أي انتخابات ستجري مستقبلا في العالم العربي بما في ذلك سوريا، الأمر الذي "سينعكس على الأردن" بشكل مؤكد.

  ويرى الخبير أن مستقبل العلاقة بين الأردن وحماس "معقد"، الأمر الذي يؤدي لأزمات عديدة  "إذ تتوافر جملة من القضايا الاتفاقية والخلافية"، فكلاهما متفق على مسألة "الوطن البديل" و"حفظ الخصوصية"، ومختلف على طبيعة الدور و"صيغة الحضور". ويقول أبو هنية إن ارتباط الأردن بـ "معاهدة سلام" مع إسرائيل وطبيعة العلاقات "الإستراتيجية " مع الولايات المتحدة ونظرتهما إلى حماس باعتبارها حركة "إرهابية" تضع قيودا على مستقبل العلاقة بين الطرفين، لذا فتطوير العلاقة "رهن بحدوث تغيرات جوهرية بإعادة تعريف حركة حماس أردنيا وعربيا ودوليا، وتقديم حماس تنازلات معروفة".

من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني ناهض حتر لموقع  DW عربية، إن الاستقبال الملكي الرسمي لمشعل نزل "بردا وسلاما" على قلوب قادة إخوان الأردن الحاليين "المنتمين بمجملهم إلى الخط الحمساوي". ويتوقع حتر أن تؤدي لقاءات مشعل بالقيادات الإخوانية الأردنية إلى تغيير سريع في مطالبهم "المتشددة" حيال تعديلات النظام الانتخابي والتعديلات الدستورية التي كانوا يشترطون حصولها للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

إخوان الأردن يرتبطون سياسياً وتنظيمياً بحماس

كما يتوقع حتر "توسعا تنظيميا كثيفا لحماس وجناحها الإخواني في صفوف أبناء المخيمات" و"التماهي السياسي والتنظيمي الواقعي بين حماس وإخوان الأردن من الخط الحمساوي". ويقول إن ذلك سيؤلف "كتلة جماهيرية سياسية" ذات أغلبية من "الأردنيين من أصل فلسطيني" من شأنها أن تؤدي "دوراً متصاعد الأهمية والتأثير في السياسة الأردنية ابتداء من الانتخابات مرورا بتأليف الحكومات وانتهاء بالملف الأمني"، والكلام لناهض حتر.

ويرى المحلل السياسي أن إخوان الأردن يرتبطون، سياسياً وتنظيمياً، بحماس الخارج التي فقدت، بخروجها من دمشق، حضورها السياسي الفلسطيني لحساب حماس الداخل. وبهذا الخروج لم يعد لها من مكان إلا التفاهم مع النظام الأردني على "صفقة تسمح لها باسترداد حضورها من خلال الأردن"، وتمنح النظام الأردني في المقابل، فرصة ممتازة" لاستخدام حماس في ترتيب أوراقه الداخلية".

"فرصة ذهبية لإعادة  نشاطها في الأردن

في المقابل يرى العضو المؤسس في تيار المتقاعدين العسكريين، رئيس تحرير موقع كل الأردن الإلكتروني، خالد المجالي في حوار مع DW عربية، أن الأردن يسعى من خلال هذه العلاقة إلى بناء نوع من الضغط على "سلطة رام الله" كونها "استبعدت الدور الأردني" في الاتصالات التي تجريها مع إسرائيل وأكثرت من التنسيق مع مصر قبل تنحي الرئيس السابق حسني مبارك. ويضيف المجالي أن السبب الرئيسي الثاني هو استخدام الحركة "للضغط على الإخوان المسلمين" من أجل المشاركة في الانتخابات المقبلة مع تقديم بعض "التسهيلات للحركة في الساحة الأردنية". أما السبب الثالث كما يقول، العميد المتقاعد، فهو "إرضاء الطلب الخليجي السعودي القطري بعد الثورة السورية وإخراج حماس من موقع الحصار السوري الإيراني".

العميد المتقاعد خالد المجالي

أما بالنسبة لحماس، والحديث لخالد المجالي، فهي فرصة ذهبية "لإعادة  نشاطها السياسي على الساحة الأردنية" من خلال استخدام نفوذها وعلاقاتها مع الإخوان المسلمين ودول الخليج. ولا يستبعد المجالي أن تكون حماس تخطط للعب "دور أساسي ومحوري" في الاتفاق النهائي على القضية الفلسطينية، "ومن أجل ذلك لا بد من وجود قبول أردني مصري لهذا الدور".

وفيما يخص موقف حماس بعد نجاح مرشح الإخوان محمد مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية يرى العضو المؤسس في تيار المتقاعدين العسكريين الأردنيين أن كافة الحركات الإسلامية استفادت "معنويا وربما ماديا لاحقا من هذا النجاح". المجالي يتوقع أن تبدأ الحركات الإسلامية بما فيها حماس في رفع سقف مطالبها الداخلية على مستوى الأقطار أو "الحلول الإقليمية لبعض القضايا" وخاصة القضية الفلسطينية.

ويخلص المجالي إلى القول بأن أي تحسن في العلاقة الأردنية مع حماس أو العلاقة المصرية معها بالضرورة "سيكون على حساب علاقتها مع إيران، وهذا هدف استراتيجي بالنسبة للغرب وإسرائيل".

0 comments: