كلام انديك جاء خلال محاضرة في مركز بروكنغز للدراسات في ختام دورة عقدتها المخابرات الأميركية لعدة وفود أمنية عربية وغيرها لايجاد آليات التنسيق المناسبة ما بين أجهزة الأمن.
وأوضح المبعوث الأمريكي السابق أن الاسرائيليين لهم نهجهم وهو المفاوضات الطويلة المملة بلا سقف ولا تاريخ"، معتبرا أن "الجانب الاميركي كان معنيا بممارسة الضغوط على الفلسطينيين لاستئناف المفاوضات بسقف زمني لكننا كنا ندرك بالمسبق انه لا نتائج ايجابية لهذه المفاوضات وكان الهدف هو قطع مرحلة من الوقت في انتظار ما سيحصل في ساحات اخرى ملتهبة".
واضاف انديك ان "الفلسطينيين استجابوا للضغوط الاميركية وهم يعرفون بالمسبق انهم ذاهبون لمفاوضات لا أفق لها ولكنهم في هذه المرة راهنوا على دور أميركي اكثر فاعلية".
وتابع قائلا: كانت عيون الفلسطينيين منذ بداية المفاوضات على تاريخ نهايتها اي انهم كانوا يريدون القول للاميركان نعم ذهبنا لجولة مفاوضات جديدة وفق ما تطلبون ولم نصل الى شيء والكرة الآن في ملعبكم ثم ماذا بعد؟
وكشف انديك عن أنه "منذ البداية حصلت مناكفات واعتراضات من هنا وهناك على دور الوفد الاميركي، فالاسرائيليون يريدونها مفاوضات مباشرة والفلسطينيون يريدون الاميركان كطرف اساسي وراعي لهذه المفاوضات على الطاولة".
ورأى المبعوث الأمريكي أن مشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات كانت من اجل الوجود فقط دون ان يكون في برنامجها اي دور للتأثير او للتصويب، وفي النهاية كان الدور الاميركي مجرد تسجيل محاضر او الإستماع على الأغلب لكل طرف على حدة".
وبين أنديك أن "البداية لهذه المفاوضات كانت واضحة عندما حددت بتسعة اشهر الا ان الجانب الاسرائيلي لم يضع او يتعامل باستراتيجية انه في نهاية التسعة اشهر يجب ان يحصل شيء، لهذا دخلت المفاوضات منذ بدايتها في حلقة مفرغة، وكانت الصفة السائدة لهذه المفاوضات هي التسويف والمماطلة وردات الفعل".
واضاف انديك: كانت اسرائيل وفي اكثر من محطة تريد تأزيم المفاوضات باجراءات تقوم بها على الارض سواء بالقتل او بالاستيطان او اي شيء آخر، وكانت تريد ان تدفع الفلسطينيين للانسحاب لتحميلهم المسؤولية، اما الفلسطينيون فكانوا في هذه المحطات يلجأون الينا ويطالبون ان يكون دورنا اكثر فاعلية ولكن موقفنا بقي على ما هو عليه".
وروى انديك أنه وبعد مرور 6 اشهر من المفاوضات ظلت النتيجة "صفر"، فأعد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بعض المفاهيم والصيغ لتفعيل المفاوضات واعطائها بعدا جديا واجرى اتصالات واستقراءات مع الطرفين وتداول واياهم افكارا عديدة إلا ان كيري لم يواصل هذه الفكرة ويبدو ان هناك في الادارة الاميركية من كان يرفض ذلك ويعتبر انه من المبكر الآن ان تتقدم الولايات المتحدة بصيغ لحل لأن الحل يجب ان يتوصل له الطرفان.
وأوضح أن "الفلسطينيين كانوا متشجعين جدا لدور اميركي فعال وكانوا تواقين لورقة اميركية تقوم على اساس التفاهمات مع ايهود اولمرت رئيس الوزراء السابق الا ان الاسرائيليين كانوا على عكس ذلك تماما.
واستنتج انديك أنه و"بعد الستة شهور هذه، دخلت المفاوضات في حلقة مفرغة ولم يعد لها اي جدية وتلاشى الدور الاميركي"، مشيرا إلى أن "الاستراتيجية الاسرائيلية اصبحت واضحة "مفاوضات مفتوحة" والفلسطينيون يريدون نهاية والاميركان تجمدوا عند تلك النقطة.
ولفت المبعوث الأمريكي إلى أن الخلاصة التي توصل اليها هي ان الادارة الاميركية جمدت تدخلها بالوضع الفلسطيني الاسرائيلي واتجهت لملفات تعتبرها اكثر اولوية، ومنها الإرهاب المشتعل في المنطقة.
واشار انديك إلى أن الولايات المتحدة كانت تترقب وتتابع ما سيحصل في المنطقة وعلى ماذا ستستقر الأمور ليكون موقفها بشأن الملف الفلسطيني الاسرائيلي مبنيا على نتائج الأحداث والإرتدادات في المنطقة بأسرها.
ونفى انديك وجود اتفاق داخل اسرائيل على حل نهائي مع الفلسطينيين، فلا هم مع صيغة حل الدولتين ولا حتى صيغة حل الدولة الواحدة ويعتقدون ان الوضع الحالي هو افضل ما يمكن من اجل أمنهم".
أما الفلسطينيون، ووفقا لانديك، يواجهون الآن صعوبات داخلية فوضعهم الداخلي مربك وغير مستقر وهم يفكرون باتجاهات عديدة ولكن غير محسوبة النتائج وغير واضحة وان كانوا حتى اللحظة يراهنون على دور للولايات المتحدة.
وأعرب انديك عن اعتقاده ان الادراة الأمريكية الحالية او الادارات السابقة اخطأت وما زالت تخطىء اذا لم تر في القضية الفلسطينية نقطة اشتعال للمناطق الاخرى او للملفات الاخرى وللأسف فاننا نعالج النتائج ولا نعالج السبب الرئيسي لكل ما يحصل في المنطقة.
وتابع انديك قائلا: لنقرأ كل خطابات التنظيمات الارهابية وغيرها من التنظيمات الاسلامية، فالقضية الفلسطينية تحتل الجزء الرئيسي من ادبياتها وبرامجها، واذا كنا الآن نرى بعض التخبطات هنا وهناك الا ان كل استراتيجيات هذه التنظيمات الارهابية هي فلسطين، ولهذا فان عدم حل هذه القضية يعطي التربة الصالحة لهذه التنظيمات للنمو والترعرع في المنطقة، واذا ادركت اسرائيل او لم تدرك استخدمت او لم تستخدم هذه التنظيمات فانها مخطئة لأنه في النهاية سيكون اتجاه هذه التنظيمات هو فلسطين .
وشدد انديك على أن "هذه حقيقية يجب ان يفهمها الاسرائيليون والاميركان فانتصار هذه المجموعات الارهابية في المنطقة سيشكل الخطر الداهم الحقيقي على اسرائيل آجلا او عاجلا.
وأعرب انديك عن أمله في أن "تراجع الادارة الاميركية ما يحدث في المنطقة بدقة وتتعامل معه وفق مصالحها ومصالح حلفاءها ولكن من وجهة نظرها هي".
ولم يخف المبعوث الأمريكي تشاؤمه إزاء الفترة القادمة، محذرا من عواقبها، وقال: انا مقتنع تماما ان الادراة الاميركية الحالية انشغلت الآن بملف الارهاب الاسلامي في المنطقة وجمدت الملف الفلسطيني الاسرائيلي وارى في عملية التجميد هذه بوادر سلبية لعجز الادارة الاميركية في تحقيق اي انجاز في هذا الملف الاساسي والذي لو سرنا فيه وبطريقة مقبولة لقضينا وجمدنا البؤر الارهابية كلها في المنطقة.
واختتم انديك حديثه بالقول إن ملف القضية الفلسطينية قد رحل للادارة الاميركية القادمة ولكن على الادارة الاميركية القادمة سواء كانوا جمهوريين او ديمقراطيين ان يروا الأمور من جديد وبواقع مختلف عما كانوا يرونه، فحل القضية الفلسطينية بطريقة مقبولة هو صمام أمان مضمون لمصالحهم ولحماية اسرائيل".
0 comments: