وسيتنافس فيلم "كوندوم ليد" الذي كتبه وأخرجه سينمائيون من قطاع غزة مع ثمانية أفلام أخرى على جائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير.
وجرى اختيار الأفلام التسعة من قبل لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة لمهرجان (كان) في دورته الـ 66 التي تنطلق منتصف مايو الجاري، من أصل 3500 فيلم قصير قدمت لها من 132 دولة.
واشتق القائمون على الفيلم اسمه من الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة نهاية العام 2008 وبداية عام 2009 تحت اسم الرصاص المصبوب وبالانجليزية (كاست ليد) ليصبح (كوندوم ليد) في تعبير ساخر عن حالة الإنسان في قطاع غزة وحرمانه من حقه بممارسة الحب جراء الغارات الإسرائيلية المثيرة للخوف والهلع.
ويقول كاتب قصة وفكرة الفيلم خليل المزين لوكالة أنباء ((شينخوا)) ، إنه اعتمد في تناوله للحرب الإسرائيلية على غزة مقاربة مغايرة لمشهد الموت والقتل، من خلال رغبة زوجين في ممارسة العلاقة الحميمة، وعدم تمكنهما من ذلك.
ويضيف المزين، أنه اختار طابعا غير تقليدي لمعالجة الفيلم نابعة من أن الفلسطينيين في الجانب العاطفي أو الجنسي لا يتم ذكرهم ، إذ بالعادة يتم التركيز على جوانب القتل والعنف دون الاهتمام بتفاصيل الحياة اليومية كأبسط حقوق الإنسان عبر ممارسة الزوجين للحب من دون خوف.
ويقوم الفيلم وهو خال من الحوار والموسيقى، على الصورة وأصوات الغارات الإسرائيلية ودوي الانفجارات التي يحدثها القصف ليعطي وصفا كونيا لما قد تؤول إليه مشاعر رجل وامرأة في خضم الحرب.
وأنتج الفيلم "مشروع صنع في فلسطين"، وهو شركة إنتاج فني مستقلة أسسها حديثا المعماري والمصمم الفلسطيني رشيد عبد الحميد مع الفنانين محمد وأحمد أبو ناصر (المعروفين بعرب وطرزان) اللذان أخرجا الفيلم وكتبا السيناريو الخاص به.
وبحسب التوءم طرزان وعرب فإن "قصة الفيلم قد تحدث في أي مكان عانى أو يعاني أو قد يعاني من الحرب وأينما وجد رجل وامرأة وغرفة".
ويضيفان "في غزة، مثلما في أي مكان تحت الحصار، فإن العلاقة الحميمة بين زوجين والتي قد تكون من أرقى وأهم أشكال العلاقات الإنسانية، تطرح جانبا ويتم التخلي عنها أمام أمور أكثر إلحاحا".
وجاء الفيلم الذي لا تتجاوز مدته 14 دقيقة، تحت شعار "حلم بالأمل في الألفة والحب في عالم تسوده القسوة والانقسام".
ويقول المزين، إنه أراد من خلال الفيلم أن ينقل صورة أكثر إنسانية لمعاناة الفلسطينيين خصوصا مشاعر الخوف والهلع التي تنتابهم بفعل الحرب ودمويتها.
وبحسب المزين يجسد المشهد الأخير من الفيلم ردا على سقوط القذائف الصاروخية تجاه الأرض وانتهاك حقوق الفلسطينيين وحرمانهم من حياتهم الطبيعية بإطلاق العشرات من الواقي الذكري (الكوندوم) من شبابيك الحي الذي يقطن فيه الزوج تجاه السماء.
ويتابع قائلا " الفيلم يتحدث عن العلاقة بين المعاناة الحقيقية لأناس آخرين لم يموتوا (...)، كثير من الناس لم يقتلوا ولكن الخوف جعلهم على حافة الموت ، فهو يعبر عن حالة إنسانية بسيطة توضح الكم الهائل من المعاناة التي تسببها الحرب".
ويقوم ببطولة الفيلم الممثلان الفلسطينيان المنحدران من غزة رشيد عبد الحميد الذي أنتجه بنفسه، وزوجته ماريا محمدي.
وجرى تصوير الفيلم في العاصمة الأردنية عمان نظرا لصعوبات تسويق فكرته في قطاع غزة المحافظ والذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالقوة منذ منتصف العام 2007 .
ويقول المخرجان طرزان وعرب، إن إتمام تصوير مشاهد الفيلم حقق حلمهما الذي وجد معهما منذ ولادتهما في العام 1988 وهي السنة التي أحرقت فيها آخر دار للسينما في غزة.
واضطرت معظم دور السينما وصالات العرض في غزة لإغلاق أبوابها، عام 1987 بعد أن اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وبروز التيارات الإسلامية حيث أصبح الناس يخافون ارتيادها بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وعند قيام السلطة الفلسطينية عام 1994 أعيد افتتاح داري عرض في غزة لكنها سرعان ما أغلقت أبوابها عام 1996 عند اندلاع مواجهات بين نشطاء من حماس والأمن الفلسطيني.
وتم تصوير فيلم (كوندوم ليد) الذي استغرق 24 ساعة فقط بكاميرات وأدوات فنية مستأجرة نظرا لمحدودية تكلفة الإنتاج التي لم تتجاوز مبلغ 7 آلاف دولار.
ويقول منتج وبطل الفيلم عبد الحميد لـ ((شينخوا))، إن الفيلم يسعى إلى "المساهمة في تغيير النظرة النمطية عن فلسطين، وغزة على وجه الخصوص، من خلال التصدي للصورة النمطية اللا إنسانية التي احتكرتها وعممتها كاميرا الحرب والموت".
ويرى عبد الحميد، أن الفيلم جسد صورة حية لأي شخص يقطن قطاع غزة خلال فترة الحرب "إذ أنه كان إعادة لفترة من حياتي وزوجتي تحت ضربات القذائف الإسرائيلية المستمرة ".
ويضيف بخصوص اختيار الفيلم للمشاركة في مهرجان (كان) المرموق "نأمل في أن يساعد الفيلم في أنسنة نظرة العالم عن غزة، ونحن فخورون بهذا الترشيح من أجل غزة وفلسطين".
يشار إلى أن أفلاما فلسطينية كانت نافست سابقا في مهرجان (كان) ضمن فئات مختلفة، منها فيلم "عرس الجليل" (1987) للمخرج ميشيل خليفي والذي حاز على جائزة النقاد الدولية، وفيلم "يد إلهية" (2002) للمخرج إيليا سليمان والذي رشح لجائزة السعفة الذهبية وحصل على جائزة لجنة التحكيم.
0 comments: