''أم الرشراش''.. سبب ''نكسة مصر'' وتنحي ''عبد الناصر''

مدينة منسية، في سبيل الحصول عليها اتخذت مصر قرارًا أودى بها إلى ''نكسة 67''، وفي سبيلها شنت إسرائيل حربًا على ثلاث جبهات ''سيناء و الجولان والضفة''، ومنذ 1949 وحتى الآن لا زالت محتلة، ولا حديث عنها ''بأمر النظم الحاكمة''.

مدينة ''أم الرشراش'' أو ما يطلق عليها حاليا ''ميناء إيلات''، هي إحدى المدن الواقعة على الحدود المصرية الفلسطينية، والتي استولى عليها الكيان الصهيوني في طريقه لإقامة ''دولة إسرائيل''؛ فعقب حرب 1948 وبعد انتهاء القتال في 18 يوليو 1948، وقعت إسرائيل على قرار الهدنة مع مصر في 24 فبراير 1949، إلا أن إسرائيل خرقت تلك الهدنة، وشنت عملية عسكرية اسمتها ''عوفداه - الأمر الواقع''، واحتلت مدينة ''أم الرشراش'' في العاشر من مارس 1949 لتكون منفذًا على البحر الأحمر للدولة المولودة حديثًا.

إلا أن الجيش المصري والبحرية المصرية لم تستسلم لهذا الأمر الواقع، وتحركت الوحدات البحرية للسيطرة على ''مضيق تيران'' من خلال جزيرتي ''صنافير وتيران'' بخليج العقبة في 1950، واستمرت مصر مسيطرة على الملاحة والدخول والخروج من وإلى خليج العقبة حتى 1956.

''العدوان الثلاثي على مصر 1956''.. السبب الظاهر له كان تأميم مصر لقناة السويس، و دخول بريطانيا لاستعادة إدارة القناة من جديد تمهيدا لاحتلال مصر، وتحالفت معها فرنسا ردًا على دعم مصر للثورة الجزائرية منتصف خمسينات القرن الماضي، إلا أن إسرائيل انضمت لثنائي الهجوم من أجل ''محاولة توسيع رقعتها الاستيطانية باحتلال سيناء، والمناداة بوجود قوات دولية في خليج العقبة، وهو ما تحقق بالفعل.

بعد مقاومة شعبية في مدن القناة وحراك دولي لإنهاء الاشتباكات، انسحبت قوات العدوان الثلاثي، ووضعت مدينة ''شرم الشيخ'' ومضيق ''تيران'' تحت إشراف قوات الطوارئ الدولية، وبالتالي فتح ''خليج العقبة'' أمام السفن الإسرائيلية بكل أنواعها بعد حصول إسرائيل على مذكرة من ''جون فوستر دالاس - وزير الخارجية الأمريكي'' باعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ''مياه دولية''؛ وبذلك لا يجوز لمصر منع الملاحة الإسرائيلية فيها، وتحولت بعدها ''أم الرشراش'' أو ''ميناء إيلات'' لميناء حيوي إسرائيلي، ومدخل استراتيجي على القارة الأفريقية.

بعد العدوان الثلاثي، ظن الشعب المصري أنه خرج منتصرًا خالصًا دون تقديم تنازلات أو تضحيات، وبمحاولات من النظام تم التعتيم على موافقة مصر لفتح مياه الخليج أمام الملاحة الإسرائيلية، واكتفى النظام مؤقتًا بانسحاب إسرائيل بعد العدوان من ''غزة وشرم الشيخ''، لكن مصر ظلت تطالب إسرائيل بالانسحاب من ''أم الرشراش''، واقترحت الإدارة الأمريكية إنشاء ''كوبري'' فوق ''أم الرشراش'' يربط بين ''طابا والعقبة'' لنقل ''الحجاج'' والمرور البري، لكن رد الإدارة المصرية متمثلاً في ''عبد الناصر'' كان: ''كيف نترك لكم أرضًا مصرية من أجل (كوبري) قد تهدموه في أي وقت وبدون سبب !''.

وفي يوم 23 مايو 1967، اتخذ ''عبد الناصر'' قرارًا بإغلاق ''مضيق تيران''، ووقف الملاحة في ''خليج العقبة'' أمام الملاحة الإسرائيلية، لإجبار إسرائيل على الانسحاب من ''أم الرشراش''، ولم يكتفي ''البكباشي'' بهذا؛ بل طرد قوات الطوارئ الدولية المتمركزة بين نقطتي ''الكونتيلا ورفح''، بعد أن رفضت الانسحاب وردت ''إما أن تمنع سيطرة مصر، وإما أن تنسحب وتترك الوضع مواجهة بين مصر وإسرائيل''، وكان هذا القرار قبل يومين من قدوم ''يو ثانت'' لوضع الامم المتحدة أمام الأمر الواقع.

بعد 18 يومًا، شنت ''إسرائيل'' هجومًا عسكريًا على ''سيناء والجولان والضفة والقدس الشرقية وقطاع غزة''، وانتهت حرب ''الأيام الستة'' بهزيمة نكراء للجيوش العربية، واحتلال إسرائيل لمساحة واسعة من الأراضي، وتحولت الرغبة من استعادة ''مدينة'' إلى ''احتلال شبه جزيرة'' و''تدمير جيش''، و''انسحاب مهين للجنود''، و''تقديم قيادات الجيش للمحاكمة''، و''تنحي عبد الناصر''، وخروج الجماهير تطالب بعودته.


  نوريهان سيف الدين

0 comments: