فلسطينيو لبنان: الأزمة السورية تزيدهم انقــساماً


قبل 10 أيام، وصل إلى مخيم البداوي وزير الأوقاف الفلسطيني في حكومة إسماعيل هنية المقالة إسماعيل رضوان، وغادره بعدما قصر لقاءاته في المخيم الشمالي على ممثلي حركة حماس دون غيرهم، مستبعداً كل الفصائل الفلسطينية الأخرى.

ليست هذه المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الأمر الذي يكرس الانقسام الفلسطيني الداخلي. فمنذ نحو سنة تقريباً، تقتصر لقاءات أي مسؤول وزاري في حكومتي هنية وسلام فياض، يزور مخيمات لبنان، على «جماعتهما» فحسب.

الانقسام الداخلي بين حكومتي الضفة الغربية وغزة ليس السبب الوحيد في تجنّب أي وزير فتحاوي أو حمساوي يأتي إلى لبنان في عدم لقاء الطرف الآخر، بل إن تداعيات الأزمة السورية زادت من هذا الانقسام والإقصاء معاً.

فإلى حين اندلاع الأحداث في سوريا قبل نحو سنتين، كانت الفصائل الفلسطينية منقسمة بين تلك المنضوية في منظمة التحرير الفلسطينية، والأخرى التي شكلت ما أُطلق عليه قوى التحالف الفلسطيني، وهذه كانت أقرب سياسياً إلى النظام السوري أكثر من نظيراتها في منظمة التحرير.

إلا أن ما حصل ويحصل في سوريا لم يُبقِ قوى التحالف موحدة، لأن ابتعاد إحدى مكوِّنات التحالف، وهي حركة حماس، عن تأييد النظام واقترابها نحو معارضيه لجهة تبنيها موقفها من النظام السوري، أدى إلى ابتعاد حماس تدريجاً عن رفيقاتها.

هذه الفجوة في الموقف السياسي تجاه ما يحصل في سوريا، دفع فصائل قوى التحالف فيها إلى إبعاد حماس عن اجتماعاتها الدورية. أما في لبنان، فإن تأثير الوضع في سوريا جعل التحالف يعلق اجتماعاته منذ 18 حزيران الماضي، قبل أن تغيب حماس، منذ شهرين تقريباً عن اجتماعات فصائل المنظمة والتحالف التي تعقد دورياً في الشمال.

مسؤول حركة حماس في الشمال جمال شهابي أوضح لـ«الأخبار» أن سبب غياب حركته عن اجتماعات التحالف هو «نتيجة مشكلة في كيفية إدارة التحالف، الذي نسعى إلى تفعيله وتطويره، وليس بسبب خلافات سياسية».

لكن شهابي اعترف بأن الأزمة السورية «جعلت منسوب الثقة بين فرقاء التحالف يتراجع، إنما ذلك لم يلغ للود قضية، لجهة حماية المخيمات وتحييدها عن الصراعات، بعيداً عن خلافاتنا». ولفت إلى أنه «ما زلنا نلتقي ونتشاور، لأنه إذا اختلفنا سياسياً فإن قضيتنا الفلسطينية تجمعنا».

أما سبب عدم لقاء وزير أوقاف حكومة هنية باقي الفصائل في المخيم، فقد ردّه شهابي إلى «ضيق الوقت، مع أنه كان عنده برنامج لقاءات واسع»، مشيراً إلى أن «الزيارة ليست سياسية بل خيرية، وتهدف إلى تقديم مبلغ 100 ألف دولار مساعدات للنازحين الفلسطينيين القادمين من سوريا».

لكن حركة الجهاد الإسلامي التي تعدّ الأقرب إلى حماس سياسياً، لا تبدو مرتاحة إلى ما تقوم به حليفتها. فمسؤولها في الشمال بسام موعد يرى أن «إخوتنا في حماس باتوا يتخذون مواقف أُحادية، ولا يشاركون في لقاءاتنا ولا نعرف إذا كان ذلك اتباعاً لسياسة النأي بالنفس».

يرد موعد الأسباب إلى الأزمة السورية التي «تركت تداعياتها على المخيمات، لأنه لم يعد هناك صديق أو خصم إلا في ضوء موقفه من الأزمة السورية. وبات التصنيف اليوم للأسف بناءً على ذلك».

برغم ذلك، يؤكد موعد أن «علاقاتنا مع جميع الفصائل جيدة، وخصوصاً فتح وحماس، لكن لا لقاءات تنسيقية بيننا وبينهما حالياً»، متوقفاً عند مفارقة أن حركتي حماس وفتح «تلتقيان معاً أكثر مما تلتقيان بنا، ربما لأنهما تمثلان حكومتين وسلطتين ومصالح وانتخابات وغيرها».

أما زيارات وزراء حكومتي هنية وفياض لمخيمات الشمال، فيوضح موعد أنه «لا نعلم بزيارتهم إلا في الشارع، ولا تتم دعوتنا»، ما دفعه إلى التعليق: «عندما يزور كل وزير جماعته فقط، نطلع آخر إشي بلا حكومة تهتم بنا».

وإذ رأى موعد أنه «مجرد أن يكون الزائر مسؤولاً، ينبغي له أن يلتقي الجميع، وأن تكون الدعوة للقائه موسعة»، لفت إلى أنه «لم يحصل نقاش في هذا الموضوع بيننا، وسنقوم بذلك قريباً».

غير أن حركة فتح تؤكد على لسان مسؤولها في الشمال محمد فياض أنها تدعو «كل الفصائل عندما يزورنا وزير من حكومة سلام فياض، لكن بعضها يحضر وبعضها الآخر يغيب حسب ظروفه»، كاشفاً أن «حماس لا تدعونا، وهذا أمر يحدث إرباكاً داخلياً بسبب الانقسام الفلسطيني الداخلي».

ورد فياض الأسباب إلى «غياب المصالحة الداخلية التي تجعل الزائر يقصر لقاءاته على جماعته، مع أنه للمفارقة يزور ويلتقي كل المسؤولين اللبنانيين بلا استثناء»، ورأى أن هذا «الخلل يؤدي إلى الانقسام، وهو أمر يزعجنا ونأمل حله قريباً بعد إنجاز المصالحة الفلسطينية».

بالمقابل، يرى مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الشمال عماد عودة أن زيارات وزراء حكومتي فياض وهنية «روتينية وليس لها أي مردود على صعيد الواقع الفلسطيني في الشتات، ولا أهداف أو نتائج لها تتعلق بمصير اللاجئين وحق العودة».

عودة الذي أوضح أنه «عندما جاء وزير الصحة في حكومة سلام فياض دعيت»، شدد على أنه «بدلاً من أن يدونا إنهاء ملف المصالحة أولاً، فهذا أهم».

وبينما أكد عودة أنه «في ما يتعلق بموضوع مخيمات الشمال ومعالجة قضاياها، فنحن متفقون وليس هناك أي مشكلة، واجتماعات فصائل المخيمات كافة مستمرة»، أشار إلى أن حماس «بدأت تقاطعها بين وقت وآخر، نظراً إلى تحسس عدد من الفصائل من مناقشة بعض القضايا التي تتسم أحياناً بالحدّة، فيجري تجنب اللقاء والنقاش معاً».

(المصدر) صحيفة الاخبار اللبنانية

0 comments: